| 0 التعليقات ]

الطفل منتصر البالغ من العمر 5 سنوات، تم اختطافه يوم 19 أكتوبر 2010 وعثر عليه بعد 49 يوما.
هذه القضية ظلت غامضة، ومازال جزء منها يكتنفه الغموض، وما يدعم ذلك عدم تمكن بعض المحامين الذين ينوبون في القضية من الحصول على قرار ختم البحث ولا يعرف ان كان ذلك لأسباب ادارية أم أن من ينوب لم يرغب في الحصول على الملف.
تمكّن المحققون من إماطة اللثام عن قضية اختطاف الطفل منتصر، وتمكنوا من إلقاء القبض على أفراد العصابة وإرجاع الطفل إلى والديه، لكن ظل الغموض يكتنف كل التفاصيل أمام تضارب الروايات.




من اختطف منتصر؟ ولماذا؟ كيف تمت العملية؟
ماذا يريد الخاطفون؟ كيف كانوا يعاملون الطفل أثناء حجزه؟ ماذا جرى بينه وبين خاطفيه؟ كيف تمّ تحريره وإيقاف المتهمين؟ ماذا قال المتهمون؟ ما هي الحقيقة؟
القضية تورّط فيها ثمانية أشخاص وتاسعهم ذكر اسمه لاحقا، من بينهم ثلاثة أشقاء أصيلو احدى مدن الجنوب والبداية تعود إلى سنة 2005، عندما أصيب المتهم الرئيسي أثناء العمل بفرع شركة جدّ الطفل منتصر الكائن بجهة مدنين بكتفه، فتقلّص مردوده، وأثناء ذلك تلقى مراسلة من فرنسا تخوّل له امكانية المشاركة في تربص لرياضة «الكنغ فو» وقد طلب من إدارة الشركة التي كان يرأسها عمّ الطفل آنذاك شهادة عمل وشهادة خلاص ليتمكن من السفر، إلا أنه لم يحصل على مبتغاه، فانقطع عن العمل بالشركة وسافر إلى سوريا في مارس من سنة 2006 وكان هدفه الانتقال من دمشق إلى باريس، لكنه تعرض إلى عملية تحيّل فقد على اثرها وثائقه ومبلغا ماليا وتم ترحيله إلى تونس، فبقي عاطلا عن العمل، وقد حمل القائمين على الشركة التي عمل بها المسؤولية عن حالة البطالة التي أصبح عليها، لذلك قرّر على حدّ قوله الانتقام.

أموال ألمانية!!؟
استقرّ مع شقيقه وبعض مجاوريه في السكن بشقة في عمارة بجهة رادس، وبعد فترة أبلغ شقيقه بأنه التقى أحد أبناء الشركة التي كان يعمل بها في ألمانيا، حيث سلّمه مبلغ 180 ألف دينار ليوصله إلى عائلته بجهة مدنين إلا أنه عندما عاد إلى تونس رفض ارجاع المبلغ، ورغم اتصاله به أكثر من مرّة، إلا أنه رفض أن يعطيه المبلغ المالي، الذي كان قد سلّمه إياه في ألمانيا.
واقترح المتهم الرئيسي على شقيقه مساعدته في اختطاف والد المعني بالأمر، وهو جدّ الطفل منتصر فوافقه على الفور بعد أن وعده بأن يعطيه مبلغ 100 ألف دينار من المبلغ الجملي الذي سوف يطلبه كفدية، واقترح الشقيقان على أحد أصدقائهما وهو يقيم معهما بنفس الشقة أن يشاركهما العملية مقابل وعده بمبلغ 30 ألف دينار، فوافق وبدؤوا جميعا بالتخطيط للعملية.

سيارة الخاطفين
توجه أحد الشقيقين إلى شخص وأجّر منه سيارة من نوع «كليو كلاسيك» رمادية اللون مقابل مبلغ 1050 دينارا إلى حين حلول عيد الاضحى، توجه الشبان الثلاثة على متن السيارة إلى جهة مقرين حيث مقرّ الشركة، وظلوا أمامها يراقبون حركة الدخول والخروج، إلى أن شاهدوا سيارة من نوع «مازدا» رباعية الدفع كان المتهم الأول يعرف أنها تابعة للشركة، فقاموا باقتفاء أثرها إلا أنهم فقدوها وسط زحام حي الخضراء.
ثم كرّروا في اليوم الموالي عملية المراقبة، وقبل ذلك قرروا التراجع عن اختطاف الجد خشية أن يتسبب ذلك في حدوث أذى له خاصة وأنه مريض ومتقدم في السن، وقرروا اختطاف أحد الأبناء.

مراقبة مستمرّة
أثناء عملية المراقبة لاحظوا خروج امرأة رفقة الجد صاحب الشركة، فتابعوا سير السيارة إلى أن عرفوا مكان إقامتها وعلموا بعد سلسلة من عمليات المراقبة أن تلك المرأة هي زوجة أحد أبناء صاحب الشركة.
قبل عملية الاختطاف بأيام اقتفوا اثر المرأة، التي توجهت إلى احدى المدارس لايصال ابنها الأول ثم إلى احدى رياض الأطفال بجهة حي الخضراء لايصال الطفل منتصر، الذي وصفوه بأنه أبيض البشرة وله شعر أصفر، فقرروا اختطافه.

اليوم الأول واليوم الثاني
يوم الاثنين 18 أكتوبر 2010، كان مبرمجا لاختطاف الطفل منتصر، إلا أن الخاطفين استيقظوا متأخرين، إذ توجهوا إلى حي الخضراء حيث منزل الطفل، ولكنهم وجدوا أن الأم وابنيها غادروا المكان وكان الخاطفون على علم بتوقيت خروج الاب وتوقيت خروج الأم وابنيها بعده، وصل الخاطفون متأخرين لذلك قرروا تأجيل العملية الى اليوم الموالي.
يوم الثلاثاء 19 أكتوبر 2010، استيقظ الشبان الثلاثة في حدود الساعة الخامسة صباحا، وفي حدود الساعة السادسة انطلقوا من أمام العمارة التي يقطنون بها بجهة رادس وقاموا أثناء الطريق بتغيير اللوحات المنجمية وذلك بتركيب لوحات مسروقة فوق اللوحات الاصلية في حدود الساعة السابعة وصلوا الى حي الخضراء وبدؤوا بمراقبة المكان.
الساعة الثامنة الا عشر دقائق خرجت الام من منزلها مرفوقة بابنيها الأكبر والأصغر وتوجهت الى سيارة «الأوبل» اذ فتحت الباب الأيمن الأمامي فصعد الطفل منتصر وتوجهت الى الباب الأمامي الأيسر لتصعد وتفتح الباب الى ابنها الثاني.

الاختطاف

أثناء ذلك قام أحد المتهمين بتشغيل محرك سيارة «الكليو» وتوجه الآخر بعد أن وضع على وجهه يد قميص اتخذها قناعا وتسلح بقارورة غاز مشل للحركة وبمسدس بلاستيكي أسود اللون ولبس المتهمان الآخران أقنعة.
توجه أحدهم نحو الام حيث رشها بالغاز المشل للحركة وأمسكها من يديها بغاية السيطرة عليها فيما توجه المتهم الثالث نحو باب سيارة «الأوبل» وفتح الباب الأيمن الأمامي وأخذ الطفل منتصر واتجه به الى سيارة «الكليو» ولحق به بقية المتهمين فيما كانت الأم تقاوم وارتمت حيث أمسكت بقفل باب السيارة وكانت تتوسل اليهم أن يتركوا ابنها لكنهم اقفلوا الابواب وانطلقت السيارة بسرعة فسقطت الأم أرضا، مستصرخة الناس، وكانت جارتها وأحد الطلبة الذي كان مقيما «بستوديو» تابع لمنزل العائلة قد شاهدا بعض الوقائع.

من أنتم أيها الخاطفون؟
انطلقت سيارة «الكليو» مسرعة وخرجت من أمام معهد بورقيبة للغات الحية ثمّ واصلت طريق العودة الى رادس، وكان على متنها الخاطفون الثلاثة والطفل منتصر.

ماذا حدث داخل السيارة؟ وأين نقل منتصر؟
أخذ أحد المتهمين معطف متهم آخر وقام بتغطية الطفل لاخفائه داخل السيارة من جهة الكراسي الخلفية وكان الطفل منتصر يبكي ثم كانت أول كلماته من أنتم؟ (اشكونكم أنتم؟).
أجابه أحدهم «نحن أصدقاء.. لا تخف» ظل الطفل يبكي ثم سلم الأمر لمصيره.

الغطاء الصوفي
بعد 25 دقيقة من الاختطاف، توقفت سيارة الـ«كليو كلاسيك» رمادية اللون أمام العمارة، وخشية من أن يتفطن إليهم الجيران، صعد المتهم الثاني الى الشقة حيث أحضر غطاء صوفيا أخضر اللون، وقام بلف الطفل به وتعاون والمتهم الثالث على الصعود به الى الطابق الرابع وادخاله احدى الغرف التي لا تتجاوز مساحتها 12 مترا مربعا في حين قام الخاطف المتبقي داخل السيارة بانتزاع اللوحات المنجمية المركبة وقام باتلافها واحراقها.
بعد ادخال الطفل ووضعه في مكانه قام المتهم الثاني وهو شقيق المتهم الأول الذي يكنى «بنينجا» بوضع قفل على باب الغرفة التي وضع بداخلها منتصر.
وكانت الغرفة تحتوي سريرا حديديا يتسع لشخصين وضعت فوقه حشية قديمة كما وضعت حشية لشخص واحد على الارضية.

الفدية
يوم الاربعاء 20 أكتوبر اتفق الخاطفون على بداية طلب الفدية اذ اتصلوا بمقر الشركة بمقرين هاتفيا وطلبوا رقم الهاتف الشخصي للأب، الذي كان قد طلب من العمال اعطاء رقمه لكل من يطلبه».
وفعلا حصل الخاطفون على الرقم الشخصي للأب وتم تكليف أحد الخاطفين بالاتصال به وللغرض حرروا نصّا.
اتصل المتهم الاول بوالد الطفل منتصر من محل عمومي للاتصالات (تاكسيفون) وعندما رفع الأب الهاتف، خاطبه بلهجة جزائرية وطلب منه توفير مبلغ 500 ألف دينار، ثم انقطع الاتصال.

أبلغ الأب أعوان الامن وكانت التحريات جارية.
بعد فترة عاود الخاطفون الاتصال بالأب وطلبوا منه توفير مبلغ 500 ألف دينار مقابل ارجاع الطفل وقد سأل الأب عن صحة ابنه فطمأنه مخاطبه وقطع الهاتف، وكان كالعادة يخاطبه بلهجة جزائرية.
كان المتهمون، يتصلون من محلات «تاكسيفون» مختلفة فمرة من باب العسل ومرة من باردو ومن رادس، ومن نابل.

القبض على أحد المتهمين
يوم السبت 23 أكتوبر 2010 توجه متهمان الى نابل لإجراء اتصال بالأب وذلك في إطار خطة اخفاء مكان وجودهم وقاموا بالاتصال به من محل تاكسيفون الا انهم لم يتمكنوا من الحصول عليه فقفلوا عائدين على متن حافلة.
وفي الطريق الرابطة بين نابل وتونس وتحديدا في منطقة عين كميشة أوقفت دورية تابعة للحرس الوطني الحافلة وتم إلقاء القبض على أحد الخاطفين، الا انه بعد جملة من التحريات أطلق سراحه.

معاملة منتصر
أثناء ذلك، وبعد ان تكثفت الحملة الأمنية شعر الخاطف الثالث بحالة من الخوف الشديد، لذلك قرر مغادرة سكناه برادس الى مسقط رأسه باحدى قرى ولاية نابل.
أثناء ذلك كان الخاطفان يعاملان الطفل معاملة طيبة كما قالا إذ كانا يشتريان له بعض اللعب والأكلات التي يرغب فيها وكان يطلب منهما جلب الحلوى فيلبيان طلبه. أحد المتهمين كان يتقاسم معه حسب ما علمنا من مصادر خاصة قطعة البيتزا.
وحسب ملفات الابحاث فإن المتهمين كانا يجلبان ماء ساخنا من المطعم الذي يعمل به احدهما وذلك لتنظيف الطفل ولم ينف احد المتهمين انه اضطرّ في احدى المرات الى تنظيفه بماء بارد.
وكان الاخوان الخاطفان يتركان الطفل أحيانا بمفرده داخل الغرفة ويقومان بإغلاقها بقفل من الخارج وخشية من أن يفتضح الامر بصراخه أوبكائه كانا يتعمّدان تخويفه من إحداث اي ضجيج او الصراخ أثناء فترة غيابهما عنه بدعوى وجود رجل يقيم بنفس الشقة يكنّ كرها شديدا للأطفال قد يدفعه صراخه الى تعنيفه إضافة الى وجود كلب بالشقة وللتأكد من مدى تجاوبه مع تهديداتهما اوهماه بخروجهما من الشقة بعد إغلاق الغرفة وبقيا يترقبان ردّة فعله، فلم يصدر عنه اي ضجيج.

0 التعليقات

إرسال تعليق