| 0 التعليقات ]

كشف الشاب التونسي صابر الرقوبي -الذي حكم عليه بالإعدام في قضية "سليمان"، بتهمة الانتماء لجماعة إسلامية متطرفة والتآمر على أمن الدولة- عن تعرّضه للتعذيب بوزارة الداخلية وداخل السجن في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وقد تم الإفراج عن هذا الشاب المتدين (28 عاما) مؤخرا بعد إقرار العفو التشريعي العام، الذي شمل كافة سجناء الرأي والمساجين السياسيين، ممن لم يتورطوا في عمليات قتل.


ورغم ابتسامته المشرقة لم يطو الرقوبي صفحة الماضي الأليم حيث حرم من زيارة أهله في السجن لثلاثة أعوام ولا يزال يرسم ملامح جلاديه وصور التعذيب المؤلمة.
واعتقل صابر على هامش أحداث ما يسمى "سليمان" أواخر عام 2006، التي شهدت معارك بين الشرطة وجماعة إسلامية مسلحة تسللت من الجزائر ويعتقد أنها تضمّ تونسيين حاولوا الثأر لنسائهم المحجبات اللاتي تعرضن إلى مضايقات بوليسية، وقتل في الأحداث أكثر من عشرة أشخاص.
وينفي الرقوبي أي صلة بهذه الجماعة، قائلا إنه اعتقل "على وجه الخطأ" مع مجموعة من أصدقائه المتدينين في أحد جبال بلدة قرمبالية (جنوب العاصمة) القريبة من مكان الحادث في منطقة سليمان.
ويشرح الرقوبي سبب وجوده في منطقة سليمان بأنه كان "هاربا" من مكان إقامته بحي الغدران بمحافظة سوسة بعد حملة تفتيشات للشرطة -قبيل أحداث سليمان- لاعتقال جماعات سلفية بعد أنباء عن تسلل مقاتلين.
وينفي الرقوبي انتماءه لأي جماعة، إلا أنّ تعرضه مع أصدقائه من قبل لمضايقات من الشرطة "بسبب مواظبتهم على الصلاة"، دفعتهم للاختفاء ريثما تتوقف التفتيشات. فقرروا الإقامة بمزرعة أحد رفاقهم في قرمبالية، فحصل ما لم يكن في الحسبان.
ويقول الرقوبي "كنا قرابة 18 شخصا ننام في المزرعة ليلا ونبقى في النهار بعيدا عن الأنظار في أحد الجبال (..) وذات يوم صدمنا بسماع إطلاق رصاص متبادل في جبل محاذ ومروحيات تحلق فوقنا".
ويضيف "لقد كان الجيش يشتبك مع مجموعة مسلحة ببلدة قرمبالية، ولما عثروا علينا في ذلك المكان اعتقدوا أننا مسلحون فأطلقوا علينا الرصاص وقتل البعض منا وتاهت بقيتنا في الجبال".

تعذيب في الداخلية
وفي 23 ديسمبر 2006، تمّ إلقاء القبض على الرقوبي ومن معه من قبل الجيش، وتم اقتيادهم إلى مقر وزارة الداخلية، حيث "تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب".
ويقول "في اليوم الأول كان مدير الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي (قيد الاعتقال حاليا) موجودا بالوزارة ووضع مسدسه بفمي مهددا بتفجير رأسي ما لم اعترف، ثمّ أمر جلاديه بسحبي لأحد الدهاليز حيث تعرضت للتعذيب 19 يوما من صعق بالكهرباء إلى الضرب المبرح".
ويضيف "كنت أسمع صراخ موقوفين من هول التعذيب (..) لقد كانت جدران المبنى ملطخة بالدماء وبها خناجر وسيوف وسلاسل وأدوات ميكانيكية (..) وتمّ انتزاع اعترافات مني تحت التعذيب".
ويتابع "كان هناك طبيب يقوم بقياس ضغط الدّم ونبضات قلبي وكان يعطي للجلادين الضوء الأخضر لمواصلة تعذيبي (..) وعندما كان يغمى علي كانوا يطعمونني ويحقنونني بأشياء لا أعلمها".

عذاب السجن
ولم يتوقف التعذيب عند وزارة الداخلية فقد أكد الرقوبي أنه منذ اقتياده لسجن المرناقية (وسط العاصمة) حتى واجه التعذيب مرات عديدة وتمّ وضعه في الحبس الانفرادي لمدّة شهر.
ويقول "لقد فقدت بعضا من أسناني من شدّة الضرب (..) لقد جردوني من ثيابي وأجبروني على وضعيات عارية والتقطوا لي صورا وضربوني في أماكن العورة (..) لقد كان الشهر الأول كابوسا بعينه".
ونتيجة تردي وضعه الصحي داخل السجن تمّ نقل الرقوبي للمستشفى –وسط حراسة مشددة- لإجراء عملية جراحية على أسنانه التي تعفنت وفكه الذي كسر "بسبب التعذيب".
لكن وضعه بدأ يستقر بعد ذلك مع تردد عناصر من الصليب الأحمر ومنظمة هيومن رايتس ووتش على زيارته كل ثلاثة أشهر. كما نقل من الحبس الانفرادي للإقامة مع متهمين آخرين في نفس القضية، قبل أن يوضع مجددا في السجن الانفرادي بعد تثبيت حكم الإعدام في حقه عام 2008 وحرمانه من زيارة أهله منذ ذلك التاريخ.

وعن محاكمته، اعتبر الرقوبي أنها كانت "جائرة" و"ملفقة". وبما أنه كان يمارس رياضة الكونغ فو، وجهت إليه تهم بتدريب وقيادة مجموعة متطرفة.
وكان محرز الهمامي -القاضي الذي حكم عليهم في الطور الابتدائي- يلقب بعميد المحاكمات السياسية ووقع طرده من المحكمة بعد الثورة التونسية.
وأدانت منظمة العفو الدولية محاكمة الرقوبي واعتبرت أن الاعترافات انتزعت منه تحت التعذيب، فيما انتقد محاموه انتهاك حق الدفاع ورفضوا التهم المنسوبة إليه لعدم وجود أي أدلة دامغة.
ويسعى الرقوبي -الحاصل على دبلوم في الحلاقة وكان عاملا في فندق سياحي بمحافظة المنستير- لاستعادة حقوقه المسلوبة والتعويض عن الأضرار التي لحقت به وبعائلته.

0 التعليقات

إرسال تعليق